الشباب موارد مجتمعاتهم

الأربعاء، 13 أبريل 2011

حكايات طمي .. " على سفر"

يناير/ كانون الثاثي 2009

ليل..
 حجرتي الصغيرة بالقاهرة... أوراق المذاكرة المتناثرة استعدادا لامتحانات منتصف العام....

يرن هاتفي...
ياسين على الطرف الآخر يبلغني أن أستعد للسفر معه و كامل الشهر القادم لسوريا.. لانضم لهم في ورشة عن مفاهيم مشاركة الشباب و اليافعين. كامل يكلمني... يخبرني أنه اختارني أن أشاركهم هذه الورشة لألتقي بصبية سورية يعرفها و تُشبهني... يقول لي.. ستكون صديقتك....

لا تسعني الفرحة و لا أصدق حماسه.. أن يدعوني للسفر من بلد لبلد لغرض الصداقة... أضحك.. أحزم أمتعتي.. و أسافر....

استمرت الورشة لعشرة أيام... كان دوري فيها هو توثيقها بشكل إبداعي... يسجل فعالياتها و ردود أفعال المشاركين حولها... اختار لي كامل هذه المهمة لأنه يعرف حبي للكتابة و إجادتي لها...
الورشة كانت تناقش مفاهيم تنمية الشباب القائمة على توفير الفرص... كان المفهوم غريبا علي بعض الشيء, حيث أنني من خلال نشاطي التطوعي بالقاهرة كنت أفهم أن التنمية قائمة على حل المشكلات المجتمعية المختلفة من خلال توظيف موارد الأفراد و المؤسسات.... ما كان يطرحه هذا المنهج الجديد بالنسبة لي هو.. أن الشباب موارد مجتمعاتهم.. و هم موارد بكر... لم يكتشفوا بعد ذواتهم و لم يكتشفهم المجتمع.. لذلك هم بحاجة لفرص.. لتجربة.. الفرص و التجارب من شأنها أن تُغنيهم و تساعدهم على إكتشاف أنفسهم و بناء قدراتهم المتنامية... و عملية خلق الفرص و بناء القدرات مرتبطة بتوفير بيئة داعمة لهؤلاء الشباب تشجعهم على التجربة و التعلم منها و تأمل نتائجها و تأخذهم لتجربة أبعد و أكبر بناءا على ما اكتسبوه من قدرات تؤهلهم لفرص أكبر.. و هكذا...

لم أكن آنذاك قد هضمت هذا المفهوم تماما.. و حين انتهت هذه الجلسة كنت أود وقتا أكبر لمراجعتها و تأمل المفهوم الجديد.

و كنا بآخر كل يوم تدريبي نقيم حفلة سمر بعد العشاء... يومها طلب كامل مني و من وئام أن نعد شيئا للمجموعة في هذا الحفل...
كان هذا هو الظهور الأول لوئام في حياتي.. وئام.. الصبية السورية التي يعرفها و تُشبهني...

كانت وئام حكائة.. و كنت كاتبة.. و كنا نشبه بعض كثيرا بالفعل
اتفقنا يومها أن نعد عرضا صغيرا.. أقرأ أنا فيه مقاطع من الشعر و وئام تحكي القصة وراء الكلمات...
لا أستطيع أن أنسى تلك اللحظة... الجميع بقاعة العشاء.. أتوجه لقاعة التدريب لأحضر شيئا.. أجد وئام ترتجل عرضنا الصغير...
أحبس أنفاسي دهشة و أنا أراقب خطواتها... بكائها و ملامحها التي تتغير ما بين أم و ابنه... أبكي و تبكي.. و تنعقد صداقتنا منذ هذا الحين...

أعود لمصر... يشجعني ياسين أن أكتب عرضا مسرحيا لي و لوئام... لا أصدق أنني أستطيع... أحاول... أكتب... يتشكل العرض مزيجا من حكايتنا المشتركة... تأتي وئام لمصر بمنحة من صندوق سفر... يساعدنا مسرح الجيزويت و يوفر لنا مساحة للعرض... تحكي وئام.. تمتلك المسرح
و أثق أنا بقدرتي على الكتابة...

في مطار القاهرة... تتعلق عين وئام بالسماء... تحلم أن نكون فرقة مسرحية.. نعطيها نفس اسم عرضنا الأول.. "على سفر" نحكي حكايات البشر و الأماكن....

بعدها... كنت للمرة الأولى أكسر حاجز خوفي و أفكر في كتابي الأول...
...
حين فكرنا في طمي... كنا نفكر في أننا نريد كيانا يشبهنا... كيان معني بتوفير مساحات و فرص للشباب... ليتعارفوا.. يعملوا.. يجربوا و يكتشفوا أنفسهم.. كيان معني بتوفير فرص... فرص تبني قدرات و توسع اختيارات .. نحن أقوى بالاختيارات.. خاصة تلك التي نستطيع صناعتها لأنفسنا و لمجتمعاتنا...

صحيح أن طمي كمؤسسة ظهرت في أواخر العام الماضي... إلا أن تاريخ تسجيلها لا يعكس عمرها الحقيقي.... فعمرها الحقيقي عمر إيماننا بالفكرة.. ممارستها و انتهاجها كنمط حياة...
نسمة جويلي

هناك تعليق واحد:

  1. "......نحن أقوى بالاختيارات.. خاصة تلك التي نستطيع صناعتها لأنفسنا و لمجتمعاتنا....." فعلا جميله على سفر موفقه نسمة جويلي

    ردحذف